بقلم بلقاسم إدير
الكتابة فن تعبيري راق مثل كل فنون التعبير الأخرى الصورية والصوتية والتشكيلية والاستعراضية الصامتة كلها تحمل رسالة ما الى الآخر لكنها في مجمل المضامين التي تحملها إلى المتلقي فهي ترمي إلى تغيير صورة ما للواقع من زاوية نظرة المعبر للأشياء : لمعالجتها أو لتلميعها أو لزيادة ركام الغمرض عليها .. الفنون كلها تعتبر حربا ناعمة تستهدف وعي المتلقي وتستهدف توسيع نفوذها في الأناه الداخلية إما سلبا أو إيجابا ...
فن الكتابة القصصي و الشعري هو الأصل وهو منبع كل الفنون . فن القصة والرواية الذي يأتي بعد فن التعبير بالشعر أوسع انتشارا في كل الثقافات و الأكثر تراكما عبر التاريخ ليس لسهولة إنتاجه لكن لسعة نفوذ قرائه من زاوية أن الشعر يعتمد الإيحاء والتصوير وكل ميزات فن البديع والبيان وتقتصر القراءة فيه على النخبة المتحكمة في آليات اللغة وميكانيزمات تكوين تعابيره بينما القصة والرواية التي تعتمدان أساسا على ميزة السرد والحكي تقنع الشرائح العريضة من المتلقين ويفهمونها ويتلقون رسالتها كما أرسلت ... في فن السرد الروائي تندرج الرواية الإبداعية المتحدثة باسم الغائب وهي الأقدم منها الأساطير والحكايات الخيالية ومنها أيضا المحكاة بضمير الغائب غير أنها واقعية يتوارى فيها الكاتب خلف بطل يجسد كل طموحاته الفعلية والقولية .. نصنف كتاب هذا النوع في قائمة الدهماء و الجبناء أيضا ..بينما السيرة الذاتية من أرقى أنواع السرد الروائي حيث الكاتب هو الراوي هو بطل القصة .. يتعرى أمام القراء بسلبياته وبإيجابياته وتعتبر السيرة الذاتية أيضا وثيقة تاريخية يمكن الاعتماد عليها لتوثيق مسافة زمكانية ... من هنا تأتي أهمية كتابات شكري مثلا ومن سار على دربه من كتاب المشرق والمغرب ...محمد شكري كتاباته تدخل في إطار السيرة الذاتية وهي توثيق ليس فقط لحياته اليومية ولكنها أيضا عين على أوضاع شريحة مجتمعية ينتمي إليها في الزمان والمكان .. وهي أيضا مرآة صادقة للشعور العام المحبط لجيل من المواطنين ينتمي إليه الكاتب ... كاتب الهامش حين يكتب بصدق معاناته وعذاباته اليومية وإحباطاته المتجددة في الوصول الى طموحاته الطبيعية من أكل وملبس ونكاح و أشياء تعتبر بالنسبة إليه كمالا ..هو فقط يعبر بالنيابة عن شريحة عريضة من الناس ينتمون الى كل مواصفات حياته ...
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق